خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات ، للدكتور محمد حرز، بتاريخ 14 رجب 1442هـ ، الموافق 26 فبراير 2021م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 26 فبراير 2021م بعنوان : مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات، للدكتور محمد حرز:
أولاً :فضل حسن الخلق .
ثانيـــًـا : نبينا صلي الله عليه وسلم نبي الأخلاق .
ثالثــــًا: عقوبة سوء الخلق .
رابعًا: أين أخلاق المؤمنين اليوم ؟
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 26 فبراير 2021م كما يلي:
الحمد لله القائل في محكم التنزيل ﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه ُأول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء الوتر الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ شرح الله له صدره ووضع عنه وزره ورفع له ذكره، وجعل الذل والمهانة على من خالف أمره فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلي يوم الدين .
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله كما أمر الله { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [سورة أل عمران (102)
ثم أما بعد: أيها الأحبة (مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات)
عنوان وزارتنا وعنوان خطبتنا.
عناصر اللقاء
أولاً :فضل حسن الخلق .
ثانيـــًـا : نبينا صلي الله عليه وسلم نبي الأخلاق .
ثالثــــًا: عقوبة سوء الخلق .
رابعًا: أين أخلاق المؤمنين اليوم ؟
أيها السادة بداية: ما أحوجنا إلى أن يكون حديثنا عن مكارم الأخلاق، فبالأخلاق انتشر الإسلام في كل مكان، ووصل إلى بلاد الأندلس وبلاد ما وراء النهر، وبالأخلاق ساد المسلمون العالم، وبالأخلاق تبني الحضارات، فالأخلاق عنوان صلاح الأمم والمجتمعات، ومعيار فلاح الشعوب والأفراد.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه…فقوم النفس بالأخلاق تستقم
إذا أصيب القوم في أخلاقهم…فأقم عليهم مأتمًا وعويلا
وخاصة ونحن نعيش زمانًا انعدمت فيه الأخلاق بين الناس، وانتشر فيه سوء الخلق بصورة مخزية ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع أن نبينا هو نبي الأخلاق، وديننا هو دين الأخلاق، وشريعتنا هي شريعة الأخلاق، وقرآننا هو قرآن الأخلاق، بل الغاية الأسمى من بعثته rهي الأخلاق فقال كما في حديث أبي هريرة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ} رواه البخاري في الأدب المفرد
فالمؤمن بلا شك يريد أن يكون محبوبًا لدي الخالق، ومحبوبًا لدي الخلق، يريد أن يكون وجيهًا في الدنيا ووجيهًا في الآخرة، يريد أن يؤتي في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة.
ولا يكون هذا إلا بفضل الله تبارك وتعالي ثم بحسن خلق، يرزقه الله تبارك وتعالي إياه، ومن ثم كان أعلي الناس منزلةً يوم القيامة وسيد ولد آدم نبي الأخلاق r.
ووالله ثم والله ما غُيَّب المسلمون عن قيادة الأمم وريادة الشعوب إلا بسبب تخليهم عن مكارم الأخلاق، وبحثهم وراء العادات الشرقية تارة، والغربية تارة آخري، لتكون بديلاً عما جاء به الإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أولاً :فضل حُسن الخلق .
أيها السادة: حسن الخلق منزلة عظيمة عند الله يوم القيامة ولم لا؟ وهي صفة النبيين والمرسلين والصديقين والصالحين، ولم لا وهي الغاية الأولي من بعثته r ففي الحديث عن أبي هريرة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ)
فحسن الخلق أثقل شيء في الميزان يوم القيامة فعنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ” أخرجه أبو داود في سننه
وفي رواية آخري عنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ “ أي صاحب الخلق الحسن له أجر الصائم لله والمصلي لله رب العالمين.
بل إذا أردت أن تحجز لنفسك مكانًا بجانب النبي المختار في جنة النعيم حَسِّن أخلاقك فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَة“ِ فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:“ أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا“ رواه أحمد في مسنده
بل حسن الخلق ثمرة من ثمار الإيمان فلا إيمان دون أخلاق، ولا أخلاق دون إيمان.
بل لا يكون المؤمن كامل الإيمان إلا بحسن خلقه لذا لما سئل النبيrأكمل المؤمنين إيمانًا ماذا قال؟ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ” أخرجه أبو داود في سننه
بل قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ” متفق عليه
فكل هذه أخلاق حسنة، من إكرام الضيف، وصلة الرحم، والقول الحسن، أو الصمت، فالإيمان تجسد في أخلاق ومبادئ وقيم.
حتى العبادات التي شرعها الله تبارك وتعالي من ثمرتها الجانب الأخلاقي، فالصلاة مع أنها صلة بين العبد وربه، إلا أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر قال ربنا: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} سورة العنكبوت (45)
بل حسن الخلق سبب من أسباب دخول الجنة بل هو أكثر ما يدخل الجنة؛ لحديث أبى هريرة قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ“ وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” أخرجه الترمذي في سننه
فحسن الخلق سبب من أسباب دخول الجنة بل إن صاحب الخلق الحسن في أعلي درجات الجنة
لحديث أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ ” أخرجه أبو داود في سننه.
بل حسن الخلق يجعل الإنسان من أحباب الله، فمن أنا ومن أنت؟ لنكون من أحباب الله جل وعلا
فعن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم منا متكلم إذ جاءه أناس فقالوا: {مَنْ أَحَبُّ عِبَادِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ؟ قَالَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا}
أيها السادة: انظروا إلي فضل حسن الخلق من دخول الجنة، ومن ثقل في الميزان يوم القيامة، ومن علامات الإيمان، فيجب على كل مسلم ومسلمة أن يتحلى بحسن الخلق لينال كل هذه الفضائل قبل فوات الأوان؛ لأنك لا تدري يا مسكين إذا جن ليل هل تعيش إلي الفجر؟
ثانيــــاً : نبينا r نبي الأخلاق .
أيها السادة: كفي بحسن الخلق شرفًا وفضلاً أنها صفة النبي العدنان r, فلقد اجتمع في النبي rخصال الخير كلها، من حياء وشجاعة وعفة وكرامة وحلم وطهارة. لذا قال الله مخاطبًا إياه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) [سورة القلم
بل لقد أثني الله تبارك وتعالي على نبيناr غاية الثناء، وغاية المدح فقال ربنا (فبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) سورة أل عمران
ولما سئلت عَائِشَةُ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: “كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ ” رواه أحمد في مسنده.
بل قالت عَائِشَةُ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا)
بل عن أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ) رواه البخاري.
أيها السادة: حسن الخلق يُحب لذاته فما بالكم وقد اجتمع مع حسن الخٌلق حسن الخَلق؟
ذلكم هو المصطفي rكان أحسن الناس خُلقاً وخَلْقًا.
انظروا إلي خلق النبي rمع ثمامة بن أثال يقول أبو هُرَيْرَةَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَة بن أَثَال سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ فَقَالَ عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ قَالَ مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ فَقَالَ عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ( أي لا نريد منه مالا ولا جزاءً ولا شكورًا ولا نلزمه بالإسلام ولا نكرهه علي الإيمان فكوا قيده ) فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ( ليقف بين يدي النبي بعزة واستعلاء فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ أَصَبَوْتَ فَقَالَ لَا وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ,وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه مسلم انظروا إلي ثمامة بن أثال وهو الذي يريد قتل المصطفي كيف كان يتعامل معه؟ وكيف حول حسن خلق النبي rثمامة إلى التوحيد والي الإيمان. أي انظروا كيف كان النبي المختار rيتعامل مع الأسري؟ يقدم لهم اللبن والطعام والشراب ليشرب ثمامة، وليأكل ثمامة.
بل لقد حول الرفق والحلم وحسن الخلق حول البعض في قلب ثمامة إلي حب فياض
تدبر معي هذا الكلام (وَاللَّهِ يا رسول الله مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ وَاللَّهِ يا رسول الله مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ وَاللَّهِ يا رسول الله مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ) الله أكبر إنه الرفق إنه الحلم إنه اللين إنه حسن خلق النبي المختار r
وهذا موقف آخر: يبُن لنا حسن خلق النبي r
روى البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة – رضي الله عنه –: أن أعرابيًا قام فى طائفة المسجد النبوي – أي في جانب من جوانب المسجد النبوي – في حضرة النبي e وبال، فقال الصحابة: مه مه، وقال الحبيب صاحب الخلق: ” دعوه لا تذرموه اتركوه يكمل بوله فى المسجد ” وكمل الرجل بوله كأنه يتبول في خلاء بيته، وكأنه e يعلم أن في انقطاع البول داء خطير.
بالله عليك ماذا تفعل لو دخلت المسجد ووجدت طفلاً صغيرًا يبول في المسجد أو وجدت سفيهًا لا يعرف شيء؟ نحن لا ندعو إلى التسيب لكننا نريد أن نتعامل مع الناس بحسن الخلق ” دعوه لا تذرموه اتركوه يكمل بوله “.. يعنى دعوه يكمل بوله فى المسجد، ثم نادي عليه رسولُ الله يا أعرابي فقال له: ” إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا وإنما جُعلت للصلاة ولذكر الله ولقراءة القرآن” متفق عليه فقال رسول الله e: ” ائتوني بدلو ماء ” فأخذ الماء وصبه على مكان البول، فطهر المكان، وأنهى الإشكال كله، فانتفع الأعرابي بهذا الحلم وبهذا الخلق، وهذه الرحمة فدخل الصلاة.
وهذا في غير رواية الصحيحين وظل يقول: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا، فقال له المصطفى ” لقد تحجرت واسعًا، قال الله :( ورحمتي وسعت كل شيء) فلماذا ضيقت ما وسع الله؟“
إنه حسن الخلق، فما أحوج الأمة الآن أن تحول خلق النبي e إلى منهج حياة، وإلى واقع يتجلى سموًا وروعة وجلالاً، فما أحوج الأمة التي تجيد الكلام والاحتفالات والقصائد والأشعار – إلى أن تحول خلق النبي المختار e إلى واقع عملي ومنهج حياة، أسأل الله جل وعلا أن يرد الأمة إليه ردًا جميلاً.
ثالثًا : عقوبة سوء الأخلاق
أيها السادة: سوء الخلق داء اجتماعي خطير، ووباء خلقي كبير ما فشا في أمة إلا كان نذيرًا لهلاكها وما دب في أسرة إلا كان سببًا لفنائها فهو مصدر كل عداء وينبوع كل شر وتعاسة.
قال يحيى بن معاذ: حسن الخلق حسنةٌ لا تضر معها كثرة السيئات، وسوء الخلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات.
فلقد أصبح في زمننا هذا صنفان من الناس، عابد سيئ الأخلاق، وذو خلق سيئ العبادة
ويقول الدين في القلب ,كلا لقد توعد الله هذا وذاك فهذا رجل كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تتَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ) رواه أحمد
بل المفلس كما قال النبي المختار r سيئ الأخلاق ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَدْرُونَ من الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ) رواه مسلم
لذا صدق من قال: الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل “.
وصدق من قال: مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ. فالْكَبَائِرِ يَرْجِعُ فِعْلُهَا إلَى سُوءِ الْخُلُقِ، وَتَرْكُهَا إلَى حُسْنِ الْخُلُقِ، ولكن أين أخلاق المؤمنين اليوم؟
أرجئ الحديث عنها إلى ما بعد جِلسة الاستراحة
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله ولا حمد إلا له وبسم الله ولا يستعان إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………………. وبعد
أيها السادة أين أخلاق المؤمنين اليوم ؟
الخلق الحسن : صفة سيد المرسلين وأفضل أعمال الصديقين
والأخلاق السيئة: هي السموم القاتلة والمهلكات الدامغة، والمخازي الفاضحة، والرذائل الواضحة، والخبائث المبعدة عن جوار رب العالمين.
نعم لقد انعدمت الأخلاق بين الناس فأصبح الولد لا يحترم أباه ولا البنت تحترم أمها ولا التلميذ يحترم أستاذه ولا الجار يحسن إلي جاره ماتت المبادئ والقيم والأخلاق .
لذا عمَّ البلاء والجهل والضياع والهلاك ولا حول ولا قوة إلا بالله فما أحوجنا أن نحول أخلاق النبي r إلي منهج حياة, وإلي واقع يتحرك في دنيا الناس. .
لذا نادي النبي r َقائلا كما في حديث أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ {
فالأخلاق طريق الفلاح وبالأخلاق تبنى الحضارات فحسِّن أخلاقك تسعد في الدنيا والآخرة …………..الدعاء
عباد الله : اذكروا الله يذكركم واستغفروه يغفر لكم وأقم الصلاة
كتب خطبة الجمعة القادمة العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف